المصدر: Kataeb.org
الكاتب: ريتا بولس
الثلاثاء 2 آب 2022 18:40:18
لمحة آنية عن أوضاع المبعدين الى إسرائيل:
يعيش حوالى 3600 لبناني في معظم البلدات الإسرائيلية الأقرب من الحدود اللبنانية: كريات شمونة ونهارية والمطلة وصفد وطبريا وغيرها.
بعضهم لا يزال يعاني أوضاعاً اقتصادية واجتماعية صعبة، والبعض الآخر اندمج كلياً في إسرائيل، وهؤلاء بغالبيتهم العظمى مِمَّن ولدوا فيها أو وصلوا إليها وهم أطفال لا يذكرون شيئاً عن لبنان.
يعملون في مختلف المهن من دون تولّي مناصب عليا، إلّا في الشرطة الإسرائيلية (أحدهم يتولّى منصباً رفيعاً في شرطة نهاريا).
•دوافع الإنتقال الى إسرائيل ودوافع حزب الله في إبقائهم في الأراضي الإسرائيلية:
تهديد حزب الله لأبناء المنطقة القاطنين ضمن إطار الشريط الحدودي تارةً بحجة الإنتماء الى ما عرف بجيش لحد وطوراً للتعاطي مع إسرائيل لأهداف حتى ولو كانت قد حتمتها ظروف العزلة والإنقطاع عن الوطن الأم وغياب خدمات الدولة وتقديماتها حتى بات يشعر من كان يدخل لشراء الحاجيات في ظل الحصار وكأنه مهدد بحياته وحياة عائلته بالتهويل الذي في البداية لم يميز بين من كان يعتبرونه عميلاً وبين المواطن العادي الذي حتمت ظروف عيشه هناك التعاطي مع الإسرائيليين ، وكأنه كان مطلوباً تهجير وإفراغ المنطقة من أهلها منذ ذلك الزمن الأمر الذي ينفذ الآن ففي تلك المنطقة وفي ظل الحصار المفروض من الجهات اللبنانية نتيجة الإحتلال إنقطعت كل وسائل الحياة بحدّها الأدنى من إستشفاء ، ومواد غذائية ومحروقات وغيرها ...
فإنعدام التمييز بين المواطنين العاديين ومن تعامل عسكرياً وأميناً مع إسرائيل أدى الى هروب أبناء المنطقة الى إسرائيل خوفاً على مصيرهم عند إنسحابها ، فكما كان ظاهراً أن هذا التهويل الذي مورس من قبل حزب الله كان له أهدافه أبعد من التحرير وهي إستغلال هذا الإنسحاب لإفراغ المنطقة من سكانها في عملية تغيير ديموغرافي مدروسة والدليل أنه عند توقيع إتفاقية مار مخايل بين حزب الله والتيار الوطني كان هنالك بند أصرّ عليه التيار الوطني الحر وهو مسألة الفصل بين من تعامل عسكرياً وأمنياً مع إسرائيل وبين المواطنين العاديين الذي أجبرتهم ظروفهم على نوع من التعامل المعيشي حتى أن هذا البند ونظراً لحاجة حزب الله الى توقيع إتفاقية مار مخايل لتأمين الغطاء المسيحي له في عزّ العزلة عليه يومها قبل بالتوسع في شرح هذا البند بشكل تضمن صك براءة للفئة الثانية من الذين تعاطوا مع إسرائيل دون عمل عسكري وأمني ،
ولكن منذ توقيع الإتفاق حتى الآن وبعدما أخذ حزب الله ما يريده من اتفاقية مار مخايل لم ينفذ هذا البند الذي بقي حبراً على ورق ولم يسهل للتيار الوطني الحر تنفيذه الذي بدوره أحجم عن المطالبة بتنفيذه بعدما لمس أنه كان بالنسبة لحزب الله بند غير جدّي هدفه الوصول الى إرضاء التيار وتوقيع الإتفاقية فبقي هذا البند حبراً على ورق ولم يتم تسهيل عودة أبناء المنطقة الى قراهم وإطالة أمد إقامتهم في إسرائيل لحملهم ولاسيما الأجيال الجديدة منهم على الإندماج في المجتمع الإسرائيلي وعدم التفكير بالعودة تحقيقاً لما قلناه سابقاً أن التهويل يوم التحرير كان من ضمن أهدافه إخراج أبناء المنطقة المسيحيين من قراهم لإحداث تغيير ديموغرافي إمتد الآن مع الزمن الى كامل الأراضي اللبنانية وهذا ما نشهده على طول ساحل الشوف من شراء آراضٍ وتشييد وإقامة أبنية لطائفة معينة ، وكذلك على طريق الشام أيضاً ، وأيضاً في لاسا وفي العديد من القرى والمدن ،
فمسألة أبناء الجنوب في إسرائيل ، مسألة لها أبعاد أكبر من قضية التعامل المدني بحكم الواقع مع إسرائيل .
الحلول القانونية والعقبات دون تنفيذه :
إن هذه الحقبة من الإحتلال لا يمكن فصلها عن الإطار التاريخي للصراع مع إسرائيل لقد كان هنالك إتفاقية الهدنة التي مكنت لبنان من العيش بهدوء وسلام وبناء دولة وإقتصادها الذي أصبح من جرائه لبنان وإقتصاده مضرب مثل ،
الى أن إشتد الصراع العربي الإسرائيلي بعد 1967 وهزيمة عبد الناصر والصراع الفلسطيني الأردني الذي أدى الى إنتقال منظمة التحرير الى العمل العسكري من لبنان بعدما منعت من ذلك بالأردن وتعاطف اليسار والمسلمين معهم وصولاً الى توقيع اتفاقية القاهرة وقيام ما عرف " بفتح لاند " الذي أباح للفلسطينيين شنّ الهجمات على إسرائيل من لبنان والإنفلاش الفلسطيني اليساري المؤيد إسلامياً تحت غطاء تغيير النظام وإنهاء ما سميّ بالمارونية السياسية والذي أدى الى قيام الحرب عام 1975 التي اشتد معها العمل الفيدائي الفلسطين واليساري على اسرائيل من لبنان من أدى الى الإشتياحات المتتالية لإسرائيل لجنوب لبنان واجتياح 1982 يدخل ضمن هذا الإطار ،
فإذاً لا يمكن إخراج أو استعباد الإجتياحات الإسرائيلية عن هذا الصراع اللبناني الفلسطيني المدعوم من اليسار والإسلام يومها ،
فإذا كانت هذه الحقبة قد شملتها قوانين العفو المتعاقبة فلا يمكن إستثناء جزء منها وجعله بدون عفو نزولاً عند رغبة حزب الله لأنه يعتقد نفسه قام بالتحرير ولديه شهداء ،
فإذا كان هذا المنطق سيطبق كان يقتضي على قوانين العفو أن تستثني كل من تعامل مع الفلسطينيين والسوريين الذي كانت طريق فلسطين تمر بالنسبة لهم في جونية وسوريا التي دمرت المناطق اللبنانية ولدينا المئات من المعتقلين والمفقودين في سجونها ،
مما يعني أن قانون العفو يجب أن يشمل موضوع المبعدين الى إسرائيل سواءً من تعامل عسكرياً وأمنياً أو تعامل مدنياً بحكم الأمر الواقع علماً أنه ومن ناحية المفهوم العام لعلاقة الدولة بمواطنيها فهناك ما يعرف بالعقد الإجتماعي أي أن على الدولة أن تؤمن السيادة والإستقلال والعيش الكريم لأبنائها وتأمين جميع متطلباتهم وحاجاتهم حيث عليهم بالمقابل الخضوع لسيادتها والإلتزام بدستورها وقوانينها فإذا كانت الدولة قد أخلت بشروط هذا العقد الإجتماعي فليس عليها أن تلوم الشعب إذا بحث تحت وطأة الظروف القاهرة عن بديل مما يعني أن على الدولة أن تتحمل مسؤولياتها في هذا المجال وذلك يكون عبر إصدارها قانون عفو عن كل المبعدين أيا ًتكن تهمة المنسوبة لهم ،
فهذا هو الحل المنطقي والعادل من الناحية القانونية لحل مسألة المبعدين .
إضافة ً الى وجود شق قانوني آخر ، وهو مسألة مرور الزمن على من غادر من إسرائيل الى بلدان العالم ولم يعد اليها ، فجرمه لناحية التعامل إذا كان جنائياً وإنقضى عشر سنوات ولم يكن قد صدر حكم بحقه ، أو صدر حكم وسقطت العقوبة بمرور الزمن أو جنحياً كدخول بلاد العدو بدون إذن السلطات يكون قد سقط بمرور الزمن الثلاثي إلا إذا كان قد صدر حكم وسقطت العقوبة بدورها ، وهذا مع التأكيد إذا قد غادر بلاد العدو ولم يعد اليه ،
بينما لا تطبق هذه القوانين على هؤلاء ، والدليل ما يحصل مع المقيمين في بلاد العالم والذين تركوا اسرائيل وسقطت الجرائم عنهم بمرور الزمن ومثال على ذلك ما حصل مع عامر الفاخوري والأخطر من ذلك ما أعقب عودة الفاخوري الى الولايات المتحدة حيث تم إغتيال أنطوان الحايك في بلدة المية ومية والذي حكم عليه من قبل المحكمة العسكرية بالتعامل اسرائيل ونفذ العقوبة ورغم ذلك تم إغتياله من منطلق توجيه رسالة الى اللبنانيين الذين عادوا من اسرائيل وتمت محاكمتهم أن هذه العودة والمحاكمة أو الهجرة الى بلاد أخرى من إسرائيل لن تحميهم وسوف يظلون عرضة للقتل في أيّ وقت، فإذا كان من سقط عنه الجرم بمرور الزمن كاد أن يعدم أو يبقى كل حياته في السجن لولا الضغط الأميركي ، وإذا كان من عاد من إسرائيل وسلم نفسه الى الدولة والقضاء وتمت محاكته ونفذ العقوبة يتم اغتياله فمن سيتجرأ على العودة حيث لا قوانين تحترم ولا أحكام تنفذ سوى الحكم الذي يريده حزب الله، مما يعطي فكرة أن لا حلّ لهؤلاء وحتى ولو كان القانون الى جانبهم ، فقانون حزب الله ورغبته هي التي تطبق وليس القوانين الموجودة أو قوانين العفو التي يجب أن تصدر .