سوريا: تهديد الأردن بعملية عسكرية..ضغط سياسي أم رسالة لرئيسي؟

في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى القاهرة حيث سيعقد الأحد الاجتماع الوزاري العربي لبحث عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، برز تطور مفاجئ بتلويح وزير الخارجية الأردنية أيمن الصفدي باحتمال لجوء بلاده إلى عمل عسكري داخل سوريا في حال استمرار تدفق المخدرات.
ويبدو أن الهدف من تضمين الصفدي لدول الخليج عند حديثه عن خيار العملية العسكرية داخل سوريا في حال عدم اتخاذ النظام السوري "إجراءات فعالة للحد من تهريب المخدرات"، هو توجيه رسالة "عربية" موحدة للنظام السوري وإيران التي أنهى رئيسها إبراهيم رئيسي زيارته إلى سوريا.
كذلك يبرز توقيت هذا التهديد الأردني الذي يأتي بعد أيام من استضافة عمان للاجتماع التشاوري لوزراء خارجية الأردن ومصر والعراق والسعودية والنظام السوري، الذي بحث إمكان عودة الأخير للجامعة العربية، ليبدو أن الاجتماع فشل جراء رفض النظام تقديم أي تنازلات مقابل عودته للجامعة العربية، بحسب ما نقلت صحيفة "فايننشال تايمز"البريطانية عن مسؤول عربي لم تكشف هويته.

زيارة رئيسي
لكن المحلل السياسي الأردني صلاح ملكاوي، لا يتفق مع ذلك، ويقول ل"المدن": "التهديدات الأخيرة لا تشير إلى فشل اجتماع الأردن، لأن هناك توافقاً عربياً على عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، مع وجود خلافات حول الخطوات والآليات".
ويستدرك بقوله: "لكن زيارة الرئيس الإيراني إلى دمشق، أضرّت بالتحركات العربية نحو دمشق، وأصلاُ لولا التقارب العربي مع النظام السوري لم تكن لزيارة رئيسي لدمشق كل هذا الصدى، حيث أعطت الزيارة رداً بأن الطريق العربي للوصول إلى دمشق ليس سهلاً".
في المقابل، يرى الباحث في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية" منير الفقير في تصريحات الصفدي دليلاً على فشل اجتماع عمان التشاوري، ويقول ل"المدن": "يمكن تلمس ذلك من خلال البيان الختامي الفارغ والعمومي، وأيضاَ من تصريحات الصفدي".
ومن جانب آخر، يقرأ الفقير في حديث الصفدي تهديداً مبطناُ من عمان وبعض العواصم العربية للنظام السوري. ويوضح أنه "في مسار التطبيع التركي مع النظام شكل الوجود العسكري التركي في الشمال السوري ورقة تفاوضية قوية بيد أنقرة"، متسائلاً: "هل تفكر الدول العربية بهذا الخيار لزيادة الضغط على النظام الذي يتعاطى سلباً مع المطالب العربية، ومنها المخدرات؟".

ضغوط سياسية
لكن العديد من المصادر تستبعد احتمال دخول الأردن عسكرياً إلى سوريا، وترى أنه يتعذر على الجيش الأردني مجاراة الجيش التركي "القوي".
وفي هذا الاتجاه، يقول صلاح ملكاوي: "لا تخرج التهديدات عن سياق الضغط السياسي على النظام السوري، ومن غير المحتمل أن يدخل الأردن في عملية عسكرية في سوريا، لأن تكاليف تشديد رقابة الحدود أقل كلفة من التدخل العسكري، وأكثر جدوى".
وحتى لو فكر الأردن بخيار العمل العسكري بدعم من الحلفاء، فالتدخل سيكون محسوباً بدقة، حتى لا تدخل عمّان في استنزاف يزيد من تعقيدات المشهد الاقتصادي والمعيشي الداخلي، كما يؤكد المحلل الأردني، الذي يضيف أن بلاده لا تتكلم عن نفسها فقط، وإنما عن الدول العربية المتضررة أيضاً من المخدرات.
ويرجح ملكاوي أن تواصل بلاده سياسة الضغط على النظام السوري، من غير أن يستبعد أن تقدم بلاده على إغلاق معبر جابر-نصيب، في حال عدم تجاوب النظام السوري، مشيراً إلى قرب توقيت إعلان الولايات المتحدة عن استراتيجية مكافحة المخدرات المرتبطة بنظام الأسد.
والمنتظر أن تعلن الإدارة الأميركية في حزيران/يونيو، عن استراتيجيتها الهادفة إلى محاربة إنتاج المخدرات، وذلك بعد أن أقر مجلس النواب الأميركي في أيلول/سبتمبر 2022 مشروع قانون يطلب من الحكومة ممثلة بأجهزتها الأمنية وضع استراتيجيات لمواجهة وتفكيك شبكات الاتجار بمواد المخدرات المرتبطة بنظام بشار الأسد.