مفاوضات "القاهرة-واشنطن".. هل تُنقذ نتنياهو من أزماته؟

يعوّل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مسارين سياسيين بشأن الحرب الراهنة في غزة؛ للتخفيف من الأزمات التي يواجهها داخليا وخارجيا؛ ففي الوقت الذي تبدأ جولة جديدة من المفاوضات في القاهرة بشأن صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين، تُعقد محادثات أخرى في واشنطن لإقناع الإدارة الأميركية بشأن ترتيبات العملية البرية التي يعتزم الجيش الإسرائيلي تنفيذها في رفح.

ويعتقد محللون ومراقبون في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هناك تحولا واضحا في المواقف الإسرائيلية تجاه حرب غزة، نتيجة للضغوط الدولية المتواصلة لوقف إطلاق النار والمضي قدما في مفاوضات تسمح بتنفيذ هدنة والإفراج عن المحتجزين في غزة، وكذلك التمهل فيما يتعلق باجتياح رفح بعرض محاور رؤيتها على الإدارة الأميركية التي عارضت بشكل مباشر هذه العملية.

مفاوضات "القاهرة-واشنطن"

  • في القاهرة، يصل الأحد وفد إسرائيلي من ممثلين عن الشاباك والجيش الإسرائيلي والموساد؛ لإجراء محادثات مع المخابرات المصرية في محاولة لكسر الجمود في المفاوضات بشأن صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين.
  • اجتمع نتنياهو مع رئيسي الاستخبارات "الموساد" والشاباك، حيث كشف مكتبه بعد اللقاء عن موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي على إجراء محادثات جديدة من أجل الإفراج عن المحتجزين ضمن اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار، والتوصل إلى هدنة في غزة.
  • قال مكتب نتنياهو إنه صدّق على عودة الوفد بقيادة رئيس الموساد، ديفيد برنياع، إلى الدوحة من أجل استئناف مفاوضات تبادل أسرى ووقف إطلاق نار في الحرب على غزة، وعلى توجه رئيس الشاباك، رونين بار، إلى محادثات موازية في القاهرة.
  • قالت هيئة البث الإسرائيلية إن الوسطاء مهتمون بتقديم مخطط جديد للأطراف من أجل إنجاح هذه الجولة.
  • على الرغم الجولة الجديدة من المفاوضات، دعا عدد من أسر المحتجزين، نتنياهو إلى الاستقالة بسبب طريقة تعامله مع المفاوضات لإطلاق سراح المحتجزين في غزة، متهمين إياه بالتعمد في إفشال المحادثات لأغراضه السياسية حسبما نقل "تايمز أوف إسرائيل".
  • كما دعت عائلات المحتجزين إلى تظاهرة حاشدة أمام مقر الكنيست الأسبوع المقبل، مع تعديل تحركاتهم الرامية للضغط من أجل الإطاحة بنتنياهو.
  • في واشنطن، تعقد محادثات رفيعة المستوى بين مسؤولين أميركيين وإسرائيليين لبحث ترتيبات العملية العسكرية التي تعتزم إسرائيل تنفيذها في رفح.
  • تأتي المحادثات المقررة يوم الاثنين، بعدما ألغى نتنياهو فجأة المحادثات التي كان مقرر إجرائها قبل أيام، بعد امتناع الولايات المتحدة عن عرقلة قرار لمجلس الأمن دعا لوقف إطلاق النار في غزة، ما أثار خلافا واضحا مع الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته.
  • كان مسؤولون أميركيون وإسرائيليون، قالوا يوم الأربعاء، إن مكتب نتنياهو، أبلغ البيت الأبيض بأنه يريد تحديد موعد آخر لاجتماع ملغى لمناقشة الهجوم المحتمل على مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وسط مناخ متوتر بين البلدين.
  • شدد بايدن على نتنياهو بضرورة إرسال وفد من بلاده لمناقشة "عملية رفح" قبل المضي قدما في أي هجوم بري واسع النطاق على المدينة التي تضم ما يزيد على مليون نازح فلسطيني.
  • قال المسؤولون إن الوفد الإسرائيلي اقترح إعادة جدولة المحادثات ليوم الاثنين، معترفين بأن التوقيت معقد بسبب الموعد النهائي الذي يواجه الحكومة الإسرائيلية في 31 مارس لصياغة قانون جديد يحكم التجنيد الإجباري لليهود الأرثوذكس المتطرفين، الذين تم إعفاؤهم منذ فترة طويلة من الخدمة العسكرية الإلزامية.

4 تطورات جديدة

اعتبر المحلل المختص بالشأن الإسرائيلي غسان محمد، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن مفاوضات القاهرة تعد محاولة جديدة للخروج من النفق المسدود في كل ما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى، واستكمالا للمفاوضات السابقة، على الرغم أنه لا توجد حتى الآن معطيات تشير إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق بين الجانبين.

وقال غسان إنه مع ذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار عدة تطورات قد تسهم في تقريب الحل أو على الأقل تجاوز بعض نقاط الخلاف التي لا تزال قائمة بين الطرفين، تشمل:

أولا: الأزمة بين إدارة بايدن ونتنياهو والتي تفاقمت أكثر بعد امتناع واشنطن عن التصويت في مجلس الأمن على قرار وقف إطلاق النار.

ثانيا: تراجع نتنياهو عن قراره بإلغاء زيارة وفد إسرائيلي إلى واشنطن والإعلان عن توجه الوفد إلى الولايات المتحدة لبحث الوضع وخاصة عملية رفح وصفقة الأسرى.

ثالثا: تهديد عائلات الأسرى الإسرائيليين بالتصعيد للمطالبة بالتوصل إلى اتفاق يعيد المحتجزين مهما كان الثمن.

رابعا: الخلافات داخل "كابينيت الحرب"، حيث يؤيد بعض أعضائه الصفقة مهما كان الثمن.

حصار "نتنياهو"

وبيّن المحلل المختص بالشأن الإسرائيلي، أن نتنياهو يحاول استغلال عامل الوقت؛ على أمل تحقيق مكاسب أو إنجازات تسمح له بالموافقة على صفقة بأقل الخسائر الممكنة.

وأضاف: "نتنياهو هو يعرف أن مصيره السياسي بات محسوما بصرف النظر عن نتائج مفاوضات القاهرة وواشنطن، خاصة أنه بات محاصرا أكثر من الداخل والخارج وهو الآن بين (فكي كماشة)، ولا توجد أمامه خيارات أو أوراق تسمح له بمواصلة المماطلة والمناورة، لكنه يأمل في الحصول على ضمانات تضمن له مستقبله السياسي والشخصي؛ لأنه يعرف أن إنهاء الحرب يعني استئناف محاكمته".

ونتيجة لهذا الحصار، قد يضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي لتقديم تنازلات في ملف الأسرى، والتراجع عن العملية العسكرية في رفح تحت الضغط الأميركي والغربي، وفق غسان.

ما وراء مرونة إسرائيل؟

من جانبه، يرى الخبير المتخصص في العلاقات الدولية، أيمن سمير، في تصريحاته لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هناك عددا من التحركات التي تكشف أن تل أبيب باتت منفتحة على تقديم نوع من "المرونة" التي يمكن أن تشكل بداية لصفقة جديدة بين حماس وإسرائيل في الأيام المقبلة.

ولفت "سمير" إلى أنه مع زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى واشنطن، وتحديد الإدارة الأميركية يوم الإثنين كموعد لبدء محادثات بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن عملية رفح، ظهرت تغيرات كبيرة في الموقف الإسرائيلي بعدد من الملفات، منها القبول بعدم احتلال القطاع، إذ كانت إسرائيل تتحدث سابقا عن احتلال غزة سواء بشكل مؤقت أو بشكل دائم، لكن بعد مرور نحو 6 شهور على تأكد لها استحالة ذلك، وأن المتاح لها فقط هو حماية سكانها في غلاف غزة.

ومع ذلك، تلعب الضغوط الداخلية على نتنياهو دورا كبيرا في السماح بالمرونة في مفاوضات هدنة غزة، خاصة أن رؤيته لمواصلة الحرب بغض النظر عن المفاوضات، ليست محل إجماع سواء في مجلس الحرب أو لدى النخبة السياسية الإسرائيلية، كما أن هناك العديد من شخصيات البارزة في المعارضة يدعمون الهدنة بصورة كبيرة، بحسب الخبير المتخصص في العلاقات الدولية.

ولفت "سمير" إلى أن مظاهرات أهالي الأسرى سواء أمام مقر الحكومة أو أمام منزله تمثل ضغطا كبيرا على نتنياهو، ما دفعه لإرسال فريقين لاستكمال المفاوضات، أحدهما إلى القاهرة والآخر إلى الدوحة، خاصة مع انسداد الأفق العسكري للوصول إلى المحتجزين دون مسار الدبلوماسية.

وشدد على أن الانتقادات الأميركية المتواصلة على كافة المستويات داخل الإدارة مؤخرا أثرت على نتنياهو حيث يسعى حاليا لتحسين موقفه.